سورة الفرقان - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


قوله عز وجل: {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبّهِ ظَهِيراً} فيه وجهان
أحدهما: عوناً، مأخوذ من المظاهر وهي المعونة، ومعنى قوله {عَلَى رَبِّهِ} أي على أولياء ربه.
الثاني: هيناً، مأخوذ من قولهم ظهر فلان بحاجتي إذا تركها واستهان بها قال تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُم ظِهْريّاً} [هود: 92] أي هيناً، ومنه قول الفرزدق:
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي *** بظهرٍ فلا يعيا عَلَيّ جوابها
قيل إنها نزلت في أبي جهل
قوله عز وجل: {وَإِذَا قِيل لَهُمُ اسْجُدُواْ لِلرَّحْمَن قَالُواْ وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأَمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن العرب لم تكن تعرف الرحمن في أسماء الله تعالى: وكان مأخوذاً من الكتاب فلما دعوا إلى السجود لله تعالى بهذا الاسم سألواْ عنه مسألة الجاهل به فقالواْ {وَمَا الرَّحْمَن أَنَسْجُدُ لِمَا تَأَمْرُنَا}.
الثاني: أن مسيلمة الكذاب كان يسمى الرحمن، فلما سمعوا هذا الاسم في القرآن حسبوه مسيلمة، فأنكروا ما دعوا إليه من السجود له.
والثالث: أن هذا قول قوم كانواْ يجحدون التوحيد ولا يقرون بالله تعالى، فلما أمروا أن يسجدوا للرحمن ازدادوا نفوراً مع هواهم بما دعوا إليه من الإيمان، وإلا فالعرب المعترفون بالله الذين يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى كانوا يعرفون الرحمن في أسمائه وأنه اسم مسمى من الرحمة يدل على المبالغة في الوصف، وهذا قول ابن بحر.


قوله عز وجل: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً} فيها أربعة أوجه
أحدها: أنها النجوم العظام، وهو قول أبي صالح.
الثاني: أنها قصور في السماء فيها الحرس، وهو قول عطية العوفي.
الثالث: أنها مواضع الكواكب.
والرابع: أنها منازل الشمس، وقرئ بُرجاً، قرأ بذلك قتادة، وتأوله النجم.
{وَقَمَراً مُّنِيراً} يعني مضيئاً، ولذا جعل الشمس سراجاً والقمر منيراً، لأنه لما اقترن بضياء الشمس وهَّج حرّها جعلها لأجل الحرارة سراجاً، ولما كان ذلك في القمر معدوماً جعله نوراً.
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَار خِلْفَةً} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه جعل ما فات من عمل أحدهما خلفة يقضي في الآخر، قاله عمر ابن الخطاب والحسن.
الثاني: أنه جعل كل واحد منهما مخالفاً لصاحبه فجعل أحدهما أبيض والآخر أسود، قاله مجاهد.
الثالث: أن كل واحد منهما يخلف صاحبه إذا مضى هذا جاء هذا، قاله ابن زيد ومنه قول زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة *** وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
{لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ} أي يصلي بالنهار صلاة الليل ويصلي بالليل صلاة النهار.
{أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} هو النافلة بعد الفريضة، وقيل نزلت هذه الآية في عمر بن الخطاب رضي الله عنه.


قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: علماء وكلماء، قاله ابن عباس.
الثاني: أعفاء أتقياء، قاله الضحاك.
الثالث: بالسكينة والوقار، قاله مجاهد.
الرابع: متواضعين لا يتكبرون، قاله ابن زيد.
{وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} الجاهلون فيهم قولان
أحدهما: أنهم الكفار.
الثاني: السفهاء.
{قَالُواْ سَلاَماً} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: قالوا سداداً، قاله مجاهد لأنه قول سليم.
الثاني: قالوا وعليك السلام، قاله الضحاك.
الثالث: أنه طلب المسالمة، قاله ابن بحر.
قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} فيه أربعة أوجه:
أحدها: لازماً، قاله ابن عيسى، ومنه الغريم لملازمته وأنشد الأعشى:
إن يعاقب يكن غَراماً وإن يع *** طر جزيلاً فإنه لا يبالي
الثاني: شديداً، قاله ابن شجرة، ومنه سميت شدة المحنة غراماً قال بشر بن أبي خازم:
ويوم الجفار ويوم النسا *** ر، كانا عذاباً، وكان غراما
الثالث: ثقيلاً، قاله قطرب، ومنه قوله تعالى: {فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} [القلم: 46].
الرابع: أنهم أغرموا بالنعيم في الدنيا عذاب النار، قال محمد بن كعب: إن الله سأل الكفار عن فأغرمهم فأدخلهم جهنم.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ} فيه أربعة أوجه:
أحدها: لم ينفقواْ في معصية الله، والإِسراف النفقة في المعاصي، قاله ابن عباس.
الثاني: لم ينفقوا كثيراً فيقول الناس قد أسرفوا، قاله إبراهيم.
الثالث: لا يأكلون طعاماً يريدون به نعيماً ولا يلبسون ثوباً يريدون به جمالاً، قاله يزيد بن أبي حبيب، قال: هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت قلوبهم على قلب رجل واحد.
الرابع: لم ينفقوا نفقة في غير حقها فإن النفقة في غير حقها إسراف، قاله ابن سيرين.
{وَلَمْ يَقْتُرُواْ} فيه أربعة أوجه
أحدها: لم يمنعوا حقوق الله فإن منع حقوق الله إقتار، قاله ابن عباس.
الثاني: لا يعريهم ولا يجيعهم، قاله إبراهيم.
الثالث: لم يمسكوا عن طاعة الله، قاله ابن زيد.
الرابع: لم يقصروا في الحق، قاله الأعمش.
روى معاذ بن جبل قال: لما نزلت هذه الآية سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفقة في الإسراف والإقتار ما هو، فقال: من منع من حق فقد قتر، ومن أعطى في غير حق فقد أسرف.
{وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَامَاً} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: يعني عدلاً، قاله الأعمش.
الثاني: أن القوام: أن يخرجوا في الله شطر أموالهم، قاله وهب.
الثالث: أن القوام: أن ينفق في طاعة الله ويكف عن محارم الله.
ويحتمل رابعاً: أن القوام ما لم يمسك فيه عزيز ولم يقدم فيه على خطر، والفرق بين القَوام بالفتح والقِوام بالكسر، ما قاله ثعلب: أنه بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم عليه الأمر ويستقر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7